اليوم السابع

 طالما تمنيتُ لو أني ولدتُ كبيراً، مع بطاقة ذاكرة صغيرة - ليست صينيةً بالطبع - لكي أتحاشى الحماقات التي ارتكبتها، وأختصر الطريق والزمن، وأختار الحياة التي أريدها، والتي لم أعرفها إلا وأنا في الخريف، منتظراً نسمة الريح التي ستسقطني من الشجرة، لأعود إلى الأرض التي أتيتُ منها. 

قبل فترة تعرضتُ إلى حادثة سير  مِتُ دقيقتين. كانتا دهراً من الصمتِ والعدم، شكراً يا الله، ثمَّ ولدتُ من جديد. 

ولدتُ كبيراً وببطاقةِ ذاكرة عربية، كل يومٍ سأعيشهُ الآن هو يومٌ جديد من عمري الثاني الأجمل والأكمل والأروع.

في المستشفى زارني صديقي الشيخ وأخبرني أن كل ما حدث كان نتيجة خطيئةٍ عظيمةٍ إقترفتها وعليَّ أن أُكفِرَ عن ذنبي، سألتهُ عن طريقة التكفير؟ فقال لي: يجبُ عليكَ أن تعتِقَ رقبة، فقلت له: قاتل الله لينكولن، حرر كل العبيد وخربَ علينا ديننا. فقال: عليكَ إذن أن تُطعمَ ستينَ مسكيناً، فقلتُ له: هذهِ أصعب من الأولى، فالقارة العجوز التي تعيش على البقرة لا يوجد فيها مسكينٌ واحد، فما بالكُ بالبلدان التي تملكُ بحوراً من النفط، قال لي: لا خيار أمامكَ سوى أن تصوم شهرين متتابعين، فقلتُ له: هذهِ هينة، فلطالما كانت أمي صائمة، الطعام لا يكفي العائلة، ثمَّ قلَّ الطعام فصام أبي، ثمَّ قلَّ الطعام فعلمتنا أمي - نحن الصغار - أن نصوم صوم العصافير. 

وحين كبرنا صرنا نُخبر الجيران بأنا صائمون لأننا أتقياء، وليس لأننا جائعون.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تحدي ال29 يوم / مدونة التخرج

اليوم 29

اليوم الخامس ( الاهتمام ميزة الحب الاولى )