اليوم 18

 زارنا مرّة صاحبُ أبي بعد أن أبحرَ حول العالم. كان شيخاً جميلاً يشبه أنطوني كوين في فيلم العجوز والبحر. وبعد أن نام الجميع، بقي الصاحبان يتسامران تحت ضوء القمر.

كنتُ أنا لم أغفُ بعد، فقرَّبتُ فراشي من حرف السقف الذي كنتُ أنام عليه، ورحتُ أتلصّصُ عليهما من الأعلى. كانت تلك المرّة الأولى التي أرى فيها بحّاراً حقيقياً. كنتُ أتخيلُ البحّارة كلهم بعين واحدة، والعين الأخرى مربوطة بقطعة جلدٍ سوداء، ولديهم يداً واحدة، واليد الأخرى التي أكلتها سمكة القرشٍ رُكّبَ عليها خطّاف حديدي، وهم أيضًا بساقٍ واحدة، والساق الاخرى خشبية.

سأل البحّار والدي:

ـ ألمْ نتفق - أنا وأنت - ألا نرتبط بامرأةٍ حتى نلفّ العالم بمركبنا؟ كيف حدث وتزوجت، وتركتني، وتركتَ البحر؟

قال أبي:

ـ هل تذكر عندما تعطلت بوصلتنا، وجرفنا البحر بعيداً عن اليابسة، وكدنا نهلك؟

فقال البحّار:

ـ نعم، دائماً ما أتذكر تلك الحادثة، ولولا تلك النجمة القطبية التي دنت من مركبنا، وبقيتْ معنا لثلاثة أيام تدلنا على الطريق، لما نجونا.

فقال أبي:

ـ لقد تزوجتُ تلك النجمة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تحدي ال29 يوم / مدونة التخرج

اليوم 29

اليوم الخامس ( الاهتمام ميزة الحب الاولى )